منوعات

حريق حرج السّفيرة: من يحمي أكبر غابة صنوبر برّي في لبنان والمنطقة؟

قبل وصول وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين إلى الضنّية، يوم الأربعاء في 8 حزيران (يونيو) الجاري، للمتابعة ميدانياً جهود إخماد الحريق الذي اندلع داخل حرج السّفيرة للصنوبر البرّي، من الجهة المحاذية لبلدة بطرماز، حيث تحوط بالحرج ثلاث بلدات تتقاسمه عقارياً، أشار ياسين في تصريح له إلى “وجود صورة أولية تظهر كيفية إندلاع الحريق في 3 أماكن متقاربة داخل الحرج، ممّا يرجّح فرضية أن يكون مفتعلاً”.

هذا الإنطباع عاد ياسين وأكّده بعد زيارته المنطقة ومعاينته موقع الحريق، الذي استمر 24 ساعة، ولقائه مسؤولين في الجيش اللبناني والدّفاع المدني ومركز أحراج الضنّية ومتطوعين كانوا يعملون على إخماد الحريق، إذ أكّد لـ”أحوال” “وجود شكوك كبيرة وارتياب أن يكون الحريق من فعل فاعل، خصوصاً أنه حريق إندلع في توقيت زمني لا يعتبر ضمن مواقيت موسم الحرائق”، وهو إنطباع يتقاطع مع ما قاله بعض العاملين والنّاشطين في إخماد الحريق وموقف قائمقام القضاء رولا البايع التي أكّدت لـ”أحوال” أنّ “الحريق مفتعل، وهو يتكرر كلّ سنة، ولكن للأسف لا يتم توقيف أحد”.

وزاد هذا الإنطباع تأكيداً ما أكّده تقرير صادر عن غرفة العمليات التي أنشئت في السراي الحكومي الكبير لمتابعة أعمال الحريق، الذي رجّح أن يكون الحريق مفتعلاً إستناداً إلى تقارير أوّلية أشارت إلى أنّه “تمّ إضرام النيران في 3 مواقع محدّدة داخل الحرج في توقيت واحد تقريباً، وعلى خط شبه مستقيم يبلغ طوله نحو كيلومتر واحد”.

كلّ هذه الأدلة دفعت وزير البيئة إلى الإتصال بزميله وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسّام مولوي، طالباً منه “إجراء تحقيق جدّي في الموضوع، وأن يكون هناك محاسبة بحق من افتعلوا الحريق”.

هذا الحريق الذي تضررت منه مساحة واسعة من الحرج الذي يعتبر اكبر حرج صنوبر بري في لبنان والشرق الاوسط، كون مساحته تبلغ قرابة 3 ملايين متر مربع، جعل فاعليات الضنية تستنفر وتجري اتصالات واسعة طلبا للمساعدة في اخماد الحريق.

فالنائب جهاد الصمد أجرى إتصالين بميقاتي، كما أجرى إتصالات مع جهات أخرى، طلب منهم “ضروة إخماد الحريق في أقصى سرعة ممكنة، حفاظاً على أكبر ثروة حرجية للصنوبر البرّي في لبنان والمنطقة، وعلى موقع يعدّ رئة بيئية طبيعية ورئيسية للضنّية ولبنان”، داعياً إلى “الإستعانة بطائرات خاصّة لإطفاء الحرائق من قبرص، إذا لزم الأمر، من أجل إخماد الحريق ومساعدة الجيش اللبناني”.

بدوره، إتحاد بلديات الضنّية قام بتزويد آليات الدفاع المدني بمادة المازوت إثر نفادها منها، بعدما كان رئيسه محمد سعدية قد أشار لـ”احوال” إلى أنّ “الحريق مفتعل”، محمّلاً “تجّار الحطب والفحم المسؤولية كاملة عن الحريق”، ومطالباً وزيري البيئة ناصر ياسين والزراعة عباس الحاج حسن “إستصدار قرار يمنع نقل الحطب المحترق من مكانه، لكي يكون درساً للذين أحرقوا المكان، وإنزال أشدّ العقوبات بهم”.

حجم الأضرار في الحرج أوضحها تقرير أصدره فريق “درب عكّار لإخماد الحرائق” الذي شارك في عملية الإطفاء إلى جانب آخرين، إذ لفت إلى أنّ “المساحة المتضرّرة قُدرت بحوالي 40 هكتاراً من غابات الصنوبر البروتي، الغنيّة بأنواع مختلفة من النباتات الطبّية والعطرية والسحلبيات، فضلاً عن السنديان والبطم”، مضيفاً أنّ “مستوى الأضرار من خفيف إلى متوسط لغياب الحرائق التاجية، واقتصار الحريق على حرائق أرضية وسطحية”.

هذا الحريق ليس الأوّل من نوعه ولن يكون الأخير الذي يتعرّض له حرج السفيرة، وهو شكّل مناسبة لتجدد الدعوات من أجل شقّ طرقات ترابية داخله، وإنشاء برك مياه أو تمديد مآخذ مياه للإستعانة بها عند الحاجة في إطفاء الحرائق، لكن هذه الدعوات كانت تلقى إعتراضاً ورفضاً دائمين، تحديداً بما يتعلق بشقّ الطرقات، لأنّها ستفسح في المجال برأي المعترضين للإعتداء على الحرج واقتطاع مساحة أكبر منه، خصوصاً من قبل تجّار الحطب والفحم، وفي التمدّد العمراني داخله، وهو أمر شهدته السنوات الماضية باضطراد لافت.

عبد الكافي الصمد

عبد الكافي الصمد

صحافي لبناني حاصل على شهادة الإجازة في الإعلام من جامعة الجنان في طرابلس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى